[التربية الجنسية للفتاة، د.عدنان باحارث].
وتعتبر التربية الجنسية ضرورة علمية تحتاج إليها الفتاة كتمهيد لأطوار حياتها كأنثى،
بدءًا من الحيض ووصولًا إلى الحياة الزوجية الخاصة،
فقد ثبت أن الفتيات اللواتي يتلقين توعية جنسية قبل البلوغ – مثلًا -
يتوصلن للتوافق مع هذا الحدث بسهولة أكثر من اللواتي يتلقين المفاجأة دون
توعية سابقة لحدوثها،
فهؤلاء كثيرًا ما يصبن إثر ذلك بصدمات نفسية،
وكذلك في كل مرحلة مقبلة تمر بها الفتاة.
[الدور التربوي للوالدين حنان الطوري].
الخجل لا ينبغي أن يعيق المعرفة..!
ولاشك أن الخجل والحرج يكتنفان الحديث عن مثل هذه القضايا الخاصة،
فيستحوذ الحياء على الكبار والصغار، خاصة الإناث من فئات المجتمع،
إلا أن كسر باب الخجل في مثل هذه الموضوعات الشرعية أمر مهم،
فهذه أم سليم رضي الله عنها لما أرادت أن تواجه رسول الله صلى الله عليه
وسلم بسؤالها المحرج عن الاحتلام قالت: "يا رسول الله إن الله لا يستحي من
الحق…"،
ولما أكثر عليها النساء النقد في سؤالها هذا قالت لهن:
"والله ما كنت لأنتهي حتى أعلم في حلٍّ أنا أو في حرام"،
فلم يكن الحياء -رغم استحواذه عليهنّ- ليمنعهنّ من تبليغ الحق،
وتعليم الناس ما يجب عليهم.
حتى ولو صدر السؤال المُحرج عن الصغير:
فإن إعطاءه المعلومات الصحيحة،
بالقدر الذي يناسب مداركه ولا يضره: أمر مطلوب،
ونهج تربوي صحيح، فهذه عائشة رضي الله عنها ربما أجابت رضي الله عنها بصراحة تامة عن أسئلة تتناول أدقِّ تفاصيل الحياة الجنسية،
فيما تحتاج الأمة لمعرفته، ومدحت نساء الأنصار إذ لم يمنعهن الحياء عن تعلم الأحكام الشرعية لبعض المسائل الجنسية،
قالت رضي الله عنها:"نعم النساءنساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين"..!
ومن خلال هذه التربية تتلقى الفتاة من أمها حقائق هامة، مثل:
- تقبُّل الفتاة للعادة الشهرية وتحمل تأثيراتها المزعجة مع تفهمها لأهميتها الشرعية والصحية.
- اختصاصها بالحيض والحمل والنفاس والإرضاع،
وما يرافق هذه الأحوال من المعاناة التي تتطلب الإعداد الصحي جسميًا ونفسيًا،
حتى تتمكن من التغلب عليها، وتقبلها بصورة أكثر إيجابية.
- تعليم الفتاة أساسيات النظافة الشخصية لأنها الأساس الذي تقوم عليه صحتها الجنسية،
وتدريبها على ذلك إلى أن تصير عادة راسخة لها .
- فَهم الفتاة لطبيعة سلوك الإنسان الجنسي بين حدَّي المباح المشروع والمحرم الممنوع.
- توجيه الفتاة إلى الوسائل المعينة لها على ضبط شهوتها الجنسية، مثل صيام النوافل.
والإسلام يضع الأسس التي تقوم عليها التربية الجنسية للفتاة،من أهمها:
- التربية الإيمانية:
التي تغرس في النفس مراقبة الله عزّ وجلّ منذ الصغر،
كما ربى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس بقوله:
" احفظ الله يحفظك..احفظ الله تجده تجاهك" ..!
وهذا الضابط يعتبر الأساس لما بعده، وبدون الاهتمام به لن تنفع أي ضوابط أخرى..
بل قد يحاول الأبناء – فتيات أو فتيان - أن يتحايلوا على أي ضوابط يضعها الوالدين،
وسينظرون إليها على أنها قيود أو بقايا تخلف ورجعية.
- تطهير المنزل من وسائل الإثارة:
على الوالدين أن يجنبا الأبناء كل ما يؤدي إلى الإثارة،
من خلال عمل رقابة جيدة على المواد المرئية والمسموعة والمقروءة في المنزل،
وأخذ الاحتياطات اللازمة مثل تنقية شبكة الإنترنت،
وتشفير القنوات الفضائية حتى لا يصبح المنزل مصدرًا لإثارة الأبناء وتأجيج غرائزهم.
[الأسلوب الأمثل في تربية البنات، يوسف رشاد، ص(121)].
ـ تعويد الفتاة على غض البصر:
هو أدب نفسي رفيع، ويعتبر هذا الأدب وسيلة أساسية للحيلولة دون إثارة الدافع الجنسي لديها،
وصمام أمان يجعلها تجتاز هذه المرحلة بسلام،
كما أن له أثر إيجابي كبير على صحتها النفسية، وعلى سلوكها الاجتماعي.
- تأديب الفتاة على ارتداء الحجاب:
الحجاب تشريع له دور رئيس في التربية الجنسية السليمة للفتاة المسلمة،
قال تعالى:
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ
وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}
[النور: 31]
وينبغي أن يتقدم إلزام الفتاة بالحجاب الشرعي مرحلة البلوغ بسنة أو سنتين على الأقل وذلك تعويدًا لها،
وقياسًا فريضة الصلاة، ولكي ترتبط بأخلاقيات الحجاب مثل الحياء وعدم الجرأة عند التعامل مع الرجال الأجانب فيكون ذلك بقدر الضرورة،
وكذلك عدم التعطر إذا خرجت من البيت،
طاعة لله، وحتى لا تكون هي مصدرًا لإثارة الفتنة.
- تربية الفتاة على آداب الاستئذان:
حتى لا تقع عينها على عورات من في البيوت والغرف المغلقة،
وتحذيرها من التجسس والتحسس، قال صلى الله عليه وسلم:
(إياكم والظن، ولا تحسسوا ولا تجسسوا) [رواه البخاري]،
وقد ورد في تفسير التحسس:بأنه من الحاسة،
ومنه عمّا يدرك بالحاسة مثل السمع والبصر،
واما التجسس:فهو البحث عن بواطن الأمور.
وأخيرًا عزيزي المربي:
إنّ التربية الإسلامية للفتاة المراهقة تعني سد كل الذرائع التي تهيج الشهوة الجنسية في غير محلها،
فتصيب الفتاة المراهقة باضطرابات وآلام نفسية،
وتوجيهها إلى صرف تلك الطاقة إلى أهداف أخرى والتسامي على ذلك إلى حينه،
مع الترحيب بالزواج المبكر للفتاة متى تهيأت أسبابه وتيسرت الظروف المناسبة له.